مع تزايد دقات الساعة واقتراب وقت موعدنا في كل مساء، أجلس أمام مرآتي لأتمايل وارسم كل أنواع "الغوى" في محضرها. ولتخبرني إن كان عليّ إضافة المزيد من "المسكرة" أو عليّ التقليل من "الفانوديشين". ولكنني ولفترة طويلة حاولت الابتعاد عن نظراتها ودعواتها لي بالاقتراب منها ومحادثتها عن ما يحدث من حولي. بالرغم من معرفتها بتحركاتي وأسراري كلها إلا أنها ترفض وبشكل كامل فضح ذلك بإخباري أو حتى معاتبتي بما لا أخبرها إياه. ولكني مازلت أأمل بأن تخبرني وتقص لي مكنونات داخلي لتعيدني طفلة صغيرة العب أمامها بمكياج أمي وألبس أحذيتها. واليوم وبعد غياب طويل جلست كعادتي المسائية لأصفف شعري كما تحب وأضع كل مساحيق الجمال التي أصبحت عادة يومية لابتداء أي لقاء بيننا. وبعد انتهائي من وضع أخر الرتوش ورش زخات عطرك، أوقفتني مرآتي لتسألني "أنتِ مين؟" ربما كبرت وشخت ولم أعد قادة على إخبارك أنك أجمل فتيات الدنيا. كما اعتدت عندما كنتِ صغيرة. ولكن هذه المرآة العجوز ترى وردتها تذبل وتنمحي في وهم الأيام ووهج ما من حولها. فرجعت لعادتي بالتهرب وعدت أسالها إن كانت "الحمرة" مناسبة للون ثوبي. فعادت تحدثني ولكن بنبرة قاسية لم أسمعها من قبل ، لتخبرني بأنها لن تسمح لأحد بأن يسرق زهرة عمرها منها بعد الآن وعليّ المحاربة لأسترجع ما فقدته. كلامها أثرّ بي لدرجة أني بدأت أفكر بمدى الدمار والشقاء الذي سيحل بي في حال خسرت من قام بتغيير ما تشتاق إليه مرآتي العزيزة. لم أحتمل وجود احتمال كهذا، فنهضت لإنتعال حذائي الراقص ، في لحظة تعثر قدمي و وقوع حذائي بقلب تلك المرآة لتنكسر وتنكسر طفولتي معها.
أنت أنا، أنا أنتي مهما كبرتي وتغيرتي
بعيوني أنتي الستي
يامرايتي
أنت أنا، أنا أنتي مهما كبرتي وتغيرتي
بعيوني أنتي الستي
يامرايتي
0 comments:
Post a Comment